نص للكاتب والأديب "جوزيف كونراد" بعنوان : الكتب I قِيلَ منذ وقت طويل جداً إنّ للكتب مصيرها. نعم إنَّ لها مصيراً، وهو يشبه إلى حدٍّ كبير مصير الإنسان. فهي تشاطرنا غيابَ اليقين الكبير لدينا حيال خزينا أو مجدنا، والظلم الشديد والاضطهاد العنيف، والافتراء وسوء الفهم، وشهرة النجاح غير المستحقة. ومن بين جميع الجمادات، وإبداعات الإنسان كلها، إن الكتب هي الأقرب إلينا، فهي تحتوي على فكرنا وطموحاتنا واستياءاتنا وأوهامنا وإخلاصنا للحقيقة وميلنا المتواصل إلى الخطأ. لكنها تشبهنا أكثر في تمسكّها العابر بالحياة. إن جسراً يُبْنى وفق قواعد فنّ بناء الجسور يَحْظى بحياة طويلة ومشرّفة ومفيدة. لكن كتاباً جيداً كالجسر في طريقة بنائه يمكن أن يهلك دون أن ينتبه إليه أحد في اليوم نفسه الذي يولد فيه. إن فنّ مبدعي الكتب غير كاف لمنحها أكثر من لحظة حياة. ومن بين الكتب التي وُلدتْ من القلق والإلهام وغرور العقول البشرية فإن تلك التي تفضّلها ربات الإلهام تواجه أكثر من غيرها تهديد موت مبكِّر. ويمكن أن تنقذها أحياناً عيوبها، وفي أحيان أخرى قد لا يمتلك كتاب جميل المنظر (إذا استخدمنا تعبيرا...