أنثربولوجيا العوالم المعاصرة . مارك اوجي

 أنثروبولوجيا العوالم المعاصرة

تأليف : مارك أوجيه

 دار ابن النديم للنشر والتوزيع  - الجزائر  2016    |   160  صفحة   |   5.64  م . ب




بات الإنسان اليوم أحوج إلى علوم الأنثروبولوجيا في ظل العولمة التي طالت حتى الثقافة والآداب، وغيرت حتى تركيبات الهويات الإنسانية؛ إذ خلقت تداخلاً كبيراً صار لزاماً على الباحثين والمفكرين التنبه إليه وتناوله بالنقد والتحليل.
يلفت الفرنسيّ مارك أوجي إلى أنّ الغاية من كتابه “أنثروبولوجيا العوالم المعاصرة” هي الإسهام في مجهود مشترك لكنه متنوع بتنوع موضوعه، كما يذكر أنه طاف بالعالم والأفكار، وأنه تقتضي مفارقة اليوم أن غياب معنى المعنى يقتضي مثلما يتطلب كل توحيد شكل الاختلاف.
يشير أوجي في كتابه إلى أنه في لعبة معقدة من الأسئلة والأجوبة يجد عالم الأنثروبولوجيا اليوم مواضيعه الفكرية الجديدة، وأنه لم ينسها من ورائه عندما ذهب لملاقاة أرض بعيدة يكتشفها يوم يلاحظ لأول مرة في تاريخ الإنسانية أن الأرض دائرية حقاً.
زمن المؤرخ
يقسم أوجي كتابه إلى خمسة فصول: “المجال التاريخي للأنثروبولوجيا والزمن الأنثروبولوجي للتاريخ”، و”الإجماع وما بعد الحداثة امتحان المعاصرة”، و”الطريق إلى المعاصرة”، و”الطقسين وأسطورتيهما.. السياسة باعتبارها طقساً”، وأخيرا فصل بعنوان “العوالم الجديدة”.
يذكر أنه تمنح النبرة المهيمنة في التاريخ المعاصر في فرنسا لمواضيع الحقبة، ألا وهي موت الأيديولوجيات ونهاية ما يوصف بالروايات الكبرى. وتراه يقارب ويناقش آراء عدد من المفكرين من أمثال مارسيل غوشي، ميشيل فوكو، جان فرنسوا ليوتار، فانسان ديكومب، وغيرهم من المفكرين المؤثرين.
يتحدث عن أماكن الذاكرة وجرد التراث، ويشير إلى أن النزعة ما بعد الحداثية تظهر قبل كل شيء بمثابة رد على تغيرات شهدها العالم، وأنه ذكر سابقاً في منتصف الثمانينات من القرن الماضي قضية واترغايت، وحرب فيتنام، والهزة البترولية، لتفسير تغير المناخ، وغياب التفاؤل الذي طبع سنوات الستينات من القرن العشرين.
يعتمد أوجي على التأويل في دراسته للظواهر الثقافية في العالم المعاصر، ويسعى إلى التقاط التأثيرات المتبادلة للتغيرات المتمثلة في العصر الحديث، والمرتبطة بما يسمى عولمة الثقافة، وحالة انتشار المعلومات على نطاق واسع، والسعي لمعاينة آثارها من خلال تأسيس موضوع جديد للأنثروبولوجيا.
يشير إلى قرب الأنثروبولوجيا من التاريخ، وأن الأنثروبولوجيا تعرف بأنها دراسة حاضر المجتمعات البعيدة، وأنها تدرس الاختلاف في المجال. في حين يعرف التاريخ على أنه دراسة ماضي المجتمعات القريبة. ويكون المجال الذي تدرسه الأنثروبولوجيا مجالاً تاريخياً، والزمن الذي يدرسه التاريخ محدد الموقع ومدرك في المجال، وأن الفرق بين الاختصاصين يتوقف على طبيعة الشهادات وعلى مشكلة تمثيليتها.
ينوه إلى أنه تعود الصعوبة والفائدة من التخمينات حول العلاقات بين الأنثروبولوجيا والتاريخ إلى موضوعهما المزدوج والمتكامل، ذلك أن الاختصاصات هي نفسها وكذا الميادين التي تنطبق عليها، ويجد أن هذه الازدواجية هي في مبدأ العلاقات بين التخصصين، ولا تخلو من الغموض، وبالإمكان التساؤل عما إذا كانت خصوصية الميدان هي التي تصنع خصوصية التخصصات أم بالعكس، إن لم تكن طرائق التخصصات هي التي تبني الميادين التي تنطبق عليها.
يحكي أوجي أن تعددية معاني التاريخ تلزم بالقول إن مجال الأنثروبولوجيا يكون تاريخياً في معان عدة، ويمكن القول بأنه زمن المؤرخ، لأنه يدرك في مجال محدد، وأنه لم يعد لتصور تاريخ وقائع خالص حيث يشكل تعاقب التواريخ والأحداث مادة السرد التاريخي وجوداً، وتكون اهتمامات المؤرخين والأنثروبولوجيين هي نفسها تقريباً.
بانتقاله إلى الحديث عن بعض الالتباس في المفاهيم والمصطلحات، يعتقد أوجي أن هناك مشكلة في معرفة مدى تمكن منظري الإجماع وما بعد الحداثة بمنهجية تأويل الواقع المعاصر، من عرض جوانبه غير المسبوقة، ويتساءل عن كيفية إمكانية التفكير في وحدة الكوكب وتنوع العوالم التي يؤسسها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدخل إلى علم الإنسـان (الأنثروبولوجيا ) . عيسى الشماس

بين الدين والعلم .. تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى . أندرو ديكسون وايت

نهاية الحداثة .. الفلسفات العدمية والتفسيرية في ثقافة ما بعد الحداثة . جياني فاتيمو

سوسيولوجيا الدين والسياسة عند ماكس فيبر - تأليف : إكرام عدنني

العرب ونظريات العقد الاجتماعي ( بحث ) . أحمد طريبق