الكنيسة والعلم .. تاريخ الصراع بين العقل الدينى والعقل العلمى جورج مينوا

الكنيسة والعلم تاريخ الصراع بين العقل الدينى والعقل العلمى

(الجزء الاول) 

تأليف : جورج مينوا

دار الأهالي - دمشق  2005   |   550  صفحة   |  13.2 م . ب




يتحدث البروفيسور «جورج مينوا» في هذا الكتاب، عن قصة ذلك الصراع الرهيب الذي جرى بين الاصولية المسيحية والحداثة في اوروبا. والباحث المذكور هو عضو في المركز الدولي للبحوث والدراسات المتعددة الاختصاصات، كما انه احد كبار الاختصاصيين الفرنسيين في مجال دراسة العقليات الدينية. وفي هذا الكتاب المؤلف من جزءين كبيرين يستعرض الباحث موقف الكنيسة المسيحية والفاتيكان من العلم بدءاً من القديس اوغسطينوس في القرن الرابع الميلادي وحتى غاليليو في القرن السابع عشر (الجزء الاول)، ثم يستعرض المؤلف في الجزء الثاني قصة هذا الصراع من غاليليو وحتى البابا الحالي يوحنا بولس الثاني الذي اصبح يقبل بالمكتشفات العلمية الحديثة بعد ان كان اسلافه من البابوات الآخرين يدينونها على مدار القرون.

انها قصة ملحمية من اعلى طراز. وهي تتكرر تحت اعيننا اليوم في الجهة الاسلامية بشكل شبه حرفي تقريبا. وبالتالي فربما كان من المفيد ان نعرف كيف جرت هذه المعركة في الجهة الاوروبية لكي نستخلص منها الدروس والعبر فيما يخصنا نحن بالذات. فمن الواضح اننا لن نستطيع الافلات من هذه المواجهة العويصة التي اصبحت تفرض نفسها علينا بشكل ملح وعاجل. وهي ما ادعوه بالمواجهة الصعبة والحاسمة للذات العربية ـ الاسلامية مع ذاتها.

يقول المؤلف منذ بداية الجزء الأول ما معناه:

طيلة الألفيّ سنة التي تفصل القديس بولس عن يوحنا بولس الثاني، كم من الصراعات والانتقادات والادانات حصلت بين الطرفين! فالكنيسة رفضت اولا العلم اليوناني والارسطو طاليسي بحجة انه وثني. ثم عادت وقبلت به طيلة العصور الوسطى عندما استطاع القديس توما الاكويني ان يتوصل الى مصالحة ناجحة بين العقيدة الدينية والفلسفة الارسطو طاليسية، واستمر الأمر على هذا النحو حتى ظهر كوبر نيكوس وغاليليو، وعندئذ اندلعت المعركة الكبرى بين الفاتيكان والعلم الحديث القائل بدوران الارض حول الشمس وليس العكس على الرغم من كل المظاهر. وعندئذ حوكم غاليليو كما هو معروف وادين من قبل علماء اللاهوت المسيحيين. ولم يسلم برأسه الا بعد ان تراجع عن موقفه. ولكن «جيوردانو برينو» الذي جاء قبله بثلاثين سنة لم يعرف كيف يتراجع فاتهم بالكفر وقطعوا لسانه وقتلوه قتلة رهيبة في كهوف الفاتيكان المظلمة ودهاليزها المعتمة. وبعد معركة غاليليو حصلت معركة اخرى بين العلماء ورجال الدين. وقد دارت حول المفهوم الذري للمادة، ثم المفهوم الميكانيكي للكون، وبعدها حصلت معركة اخرى اشد هولا بعد ان كان داروين قد اعلن نظريته الشهيرة عن التطور. ثم يردف جورج مينوا قائلا:
صحيح ان العلاقات بين الطرفين لم تكن دائما صراعية. فالكنيسة كانت تعلن باستمرار عن وجود توافق بين الايمان والعقل. بل وخرجت احيانا بعض العلماء الكبار، وساهمت في تقدم بعض الاختصاصات العلمية، ولكن يبقى صحيحا القول ان العلاقات كانت في الغالب صراعية متوترة. وقد بلغت ذروة الصراع في القرن التاسع عشر، قرن المكتشفات العلمية الكبرى، عندئذ اصبحت الكنيسة المسيحية كالقلعة المسيحية التي يحيط بها العلم الحديث من كل جانب. وظلت متشبثة بالمواقف القديمة المضادة لأبسط حقائق العلم والمنطق. وقد دفعت الثمن غاليا، حيث اتهمت بالرجعية، ومحاربة التقدم، وانصرف عنها معظم الناس في اوروبا، حتى اصبحت الكنائس خالية من المؤمنين تقريبا، وتحولت الى ما يشبه المتاحف.. ولكنها استدركت الامر بعد عام (1960)، عندما قبلت بالانفتاح على العلم الحديث والروح التنويرية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدخل إلى علم الإنسـان (الأنثروبولوجيا ) . عيسى الشماس

بين الدين والعلم .. تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى . أندرو ديكسون وايت

نهاية الحداثة .. الفلسفات العدمية والتفسيرية في ثقافة ما بعد الحداثة . جياني فاتيمو

سوسيولوجيا الدين والسياسة عند ماكس فيبر - تأليف : إكرام عدنني

العرب ونظريات العقد الاجتماعي ( بحث ) . أحمد طريبق