تأويل الثقافات - تأليف كليفورد غيرتز

تأويل الثقافات

تأليف كليفورد غيرتز

المنظمة العربية للترجمة ــ بيروت 2009  |  880  صفحة  |  15.3  م . ب



تحميل الكتاب


كان لكتاب “تأويل الثقافات وقع كبير في عالم الفكر وفي حقل الأنثروبولوجيا والدراسات التراثية على وجه الخصوص، حتى إن الملحق الأدبي لصحيفة “التايمز” اللندنية وصفه في العام 1995 بأنه واحد من أهم مئة كتاب صدرت منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
والكتاب هو مجموعة مقالات كان نشرها غيرتز في الستينات من القرن الماضي، يعترف غيرتز بأنه لا يجد الكثير مما يربط بينها سوى أنها من تأليفه. إلا أنه عاد فوجد ما يجمع بينها أكثر من ذلك في حقيقة أنها كلها تعالج مسائل تتعلق بالثقافة من وجهة نظر “الأنثروبولوجيا الرمزية” التي اتخذها منهجاً له. وليوضح ذلك ويؤسس له نظرياً، كتب ــ بناء على نصيحة محرّر الكتاب ــ مقدمة نظرية شكلت الفصل الأول، بعنوان “التوصيف الكثيف: نحو نظرية تأويلية للثقافة”. ويقدم هذا الفصل الأساس النظري الذي تقوم عليه سائر فصول الكتاب. ويتألف هذا الأساس بمعظمه من مفهوم “التوصيف الكثيف” الذي استعاره من الفيلسوف البريطاني جيلبرت رايل (1900 ــ 1976)، الذي ميّز بين وصف ما يظهر من فعل ما أو سلوك ما(التوصيف الرقيق)، ووصف هذا الفعل أو السلوك في السياق الذي يجري فيه(التوصيف الكثيف)، وهو ما يؤدي إلى فهم أفضل لهذا السلوك.
والمثال الذي يورده غيرتز على ذلك، هو الغمزة، فالتوصيف الرقيق يصف فعل الغمز الظاهر بأنه مجرد تحريك لجفن العين فقط. أما التوصيف الكثيف فيخربنا ما إذا كانت الغمزة مجرد اختلاج لا إرادي للجفن أو إشارة خفية للتواصل بين اثنين أو حركة هازئة من شخص يقلد غامزاً آخر أو … إلخ.
هذا المنهج اعتمده غيرتز في ملاحظاته ومراقباته في عمله الميداني في إندونيسيا والمغرب بشكل أساس. فالنظر في الأبعاغد الممزية للعمل الاجتماعي ــ سواء كان فناً أو ديناً أو عقيدة أو علماً أو قانوناً.. ــ يعني عدم إشاحة النظر عن الإشكالات الوجودية في الحياة لمصلحة أشكال جامدة في العلم، بل هي الغوص في لجة هذه الإشكالات لتفسيرها وتحليلها من الداخل. وبهذا تكون مهمة الأنثروبولوجي التأويلي ليس تقديم إجاباته عن الأسئلة العميقة في الوجود، بل في تقديم الإجابات التي قدمها الآخرون في ثقافات أخرى عن هذه الأسئلة.
كليفورد غيرتز ( 1926 - 2006)
واحد من أبرز علماء الأنثروبولوجيا الأميركيين وأبعدهم تأثيراً خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي. وهو يعتبر مؤسس المدرسة التأويلية في الأنثروبولوجيا ومن أكبر الدعاة لإيلاء الأهمية لدراسة الرموز في الثقافة وللفكرة القائلة بأن هذه الرموز تضفي معنى ونظاماً على حياة الإنسان.
في عام 1951 قام بأبحاث ميدانية في إندونيسيا حيث درس موضوع الدين وكانت نتيجة أبحاثه في جاوة كتاب “الدين في جاوة” عام 1960. ولكنه انتقل إلى المغرب وقام بأبحاث بين 1963 و1971 وكانت من نتيجتها كتابه “ملاحظة الإسلام: التطورات الدينية في المغرب وإندونيسيا”(1968)، وهو مقارنة عميقة في الإسلام، كما يراه المغاربة والإندونيسيون.
في العام 1973 نشر كتابه تأويل الثقافات الذي نراجعه هنا، وظهر في طبعة ثانية منقحة في العام 2000، وكان معبراً عن أفكراه الأساسية في التراث، وكان له أثر مهم في الدراسات الأنثروبولوجية وأثار جدلاً كبيراً حول بعض المفاهيم التي أتى بها غيرتز. وكانت له منهجيته في الدراسات الأنثروبولوجية تقوم على تحليل المعطيات التي كان يسشتقيها من أعماله الميدانية في وسط المجتمعات التي يدرسها. وبهذا، كانت الأنثروبولوجيا التأويلية له هي قراءة النصوص بما هي كذلك. ولذلكن فإن كل عناصر الثقافة التي يجري تحليلها يجب أن تفهم في ضوء هذا التحليل النصّي. وقد توصل إلى استنتاج يقول بأن الكائن البشري هو “حيوان يصنع الرموز والمفاهيم وينشد المعاني”. كما حاول أن يستكشف الرغبة الدفينة لدى البشر “لإيجاد معنى للعالم ولتجربتهم فيه، وإعطاء هذه التجربة شكلاً ونظاماً”.
وقد قدمت كتاباته استبصارات حول مدى الثقافة وحول طبيعة البحث الأنثروبولوجي وحول فهم العلوم الاجتماعية عموماً. وقد رسم في كتاباته حداً فاصلاً بين الثقافة والهيكلية الاجتماعية، متمايزاً بذلك عن الوظيفيين أمثال ليفي ستراوس الذين كانوا يؤمنون بأن الطقوس والعادات والمؤسسات وجوانب الثقافة الأخرى يمكن فهمها على الوجه الأمثل، بالنظر إلى الأهداف التي تخدمها. وكان يحاجج بأن الثقافة تردم الفجوة بين المعطيات البيولوجية لجنسنا البشري والأشياء التي نحتاج إليها لكي نعمل بشكل فاعل في عالم معقد ومتغير يعتمد بعضه على البعض الآخر.
#مكتبة_التنوير
#الأنثروبولوجيا

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدخل إلى علم الإنسـان (الأنثروبولوجيا ) . عيسى الشماس

بين الدين والعلم .. تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى . أندرو ديكسون وايت

نهاية الحداثة .. الفلسفات العدمية والتفسيرية في ثقافة ما بعد الحداثة . جياني فاتيمو

سوسيولوجيا الدين والسياسة عند ماكس فيبر - تأليف : إكرام عدنني

العرب ونظريات العقد الاجتماعي ( بحث ) . أحمد طريبق