البحث عن منقذ .. دراسة مقارنة بين ثماني ديانات . فالح مهدي

البحث عن منقذ .. دراسة مقارنة بين ثماني ديانات
تأليف : فالح مهدي
دار ابن رشد - بيروت  1981   |   230  صفحة   |   6.45  م . ب


تحميل الكتاب


من مقدمة الكتاب
أكد الفكر الفلسفي الديني ، عبر مراحل تطوره ، أن لهذا الكون قوة خارقة ، أوجدته من العدم ، وما برحت تحكمه منذ الأزل ، وتتصرف في شؤونه ، وهذا ما أدى إلى سن تشريعات وقوانين تتفق مع هذا المفهوم .
وانطلاقاً من ذلك فقد اتفقت كل الأديان على أن تلك القوة التي خلقت الحياة على الأرض سوف تنتهي هذه الحياة في يوم من الأيام .
كما أكدت - أي تلك الأديان - على علامات معينة سوف يكون ظهورها نذيراً بنهاية العالم .
وفي هذا الكتاب محاولة بسيطة لدراسة جانب من جوانب الفكر الديني ، ويتمثل هذا الجانب بدراسة كيفية نهاية العالم ونزول المنقذ من قبل الإله لإنقاذ الأخيار من البشر !
وقد اخترت لدراسة هذه الناحية ثماني ديانات هي المصرية القديمة والهندوسية، والبوذية، والجينية، والزرادشتية، واليهودية، والمسيحية، والإسلامية.
وكان اختياري لها على سبيل المثال لا الحصر ، فالذي لاحظته أن هذه الأديان تؤكد أن للعالم نهاية لا ريب فيها ، وسوف تصاحب هذه النهاية نزول منقذ بواسطة القدرة الإلهية ، لإنقاذ الأخيار بعد أن يصيب الأرض الدمار ويحل فيها الفساد .
ولهذا المنقذ صفات خاصة خارقة ورد ذكرها في كل هذه الأديان تقريبا ، فهو قد ولد في ظروف صعبة وتعرضت حياته لمخاطر كثيرة ، وله علامات لا تتوفر لدى البشر الآخرين اضافة إلى كونه من سلالة الملوك والأمراء .
إذاً فإن هذه الدراسة ستتناول بالنقد الموضوعي ما يمكن أن نطلق عليه دراسة الفكر الديني المقارن .
فمثلا بينت مدى التشابه بين شخصية المسيح في الفكر الديني المسيحي من جهة وشخصية كرشنا في الفكر الديني الهندوسي و بوذا في الفكر الديني البوذي من جهة أخرى.
فما يوجد من تشابه بين المسيح وبوذا لا يجعلك تشك في أن أيا منهما يمكن أن يحل مكان الاخر .
ثم حاولت أن أتبين العوامل التي كانت سبباً في إيجاد فكرة المنقذ. فالملاحظ أنها اخذت طابعاً متنوعاً يختلف باختلاف الشعوب والديانات، ولا يمكن حصرها بعامل دون الاخر.
فمثلاً في الديانة المصرية القديمة كان "النيل" عاملاً فعالاً في بلورة هذه الفكرة . إذ كان - أي النيل - حين يعود بعد إمحال يؤوب جالباً معه الخيرات والبركات، مثاراً لتعجب قدماء المصريين حتى أنهم كانوا يتضرعون للإله "أوزيريس" إله النيل أن يعيد خيرات النيل إليهم .
ولا يفوتنا أن نذكر أن ألكهنة قد لعبوا دورا حاسما في التنبؤ بعودة المنقذ الذي يتمثل بفيضان النيل .
وفي الديانة الهندوسية تمثل أرقى أشكال الإنقاذ في التناسخ بالإله "فيشنو" والديانة اليهودية برز المنقذ كقوة محاربة لقتل أعداء بني إسرائيل .
بمعنى آخر: إن للعوامل الاقتصادية والبيئية والجغرافية والسياسية والبيولوجية أثراً فعالاً في وجود الفكرة وتنوعها .
المهم في ذلك أن هذه المبادئ قد اقتنعت بها الشعوب في فترة من فترات التاريخ الإنساني ، ولا يزال البعض الآخر يؤمن بها .
فالعقلية الإنسانية يغلب عليها أنها ( تلقائية ) تتقبل ما يردها دون تمحيص ، ولا يتسنى النقد إلا للبعض .
فمن البداهة أن نقول، أن الشعوب المتمدنة والتي واكبت التطور الحضاري استطاعت أن تجد منقذها من داخلها .
فالشعب الذي تزداد درجة وعيه بنفسه وبظروفه الموضوعية يستطيع أن يدرك جيداً بأنه أعظم منقذ لنفسه .
أما الشعب الجاهل فينتظر النصر من الخارج ..

ولو أتيح لهذه الشعوب الجاهلة أن تفهم الحقيقة فسترى أن تاريخ الإنسانية مملوء بالزيف والكذب والخداع وأن كثيراً من الشخصيات في تاريخ الإنسانية لا تستحق ما هي عليه من تقدير وإجلال وتقديس .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدخل إلى علم الإنسـان (الأنثروبولوجيا ) . عيسى الشماس

بين الدين والعلم .. تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى . أندرو ديكسون وايت

نهاية الحداثة .. الفلسفات العدمية والتفسيرية في ثقافة ما بعد الحداثة . جياني فاتيمو

سوسيولوجيا الدين والسياسة عند ماكس فيبر - تأليف : إكرام عدنني

العرب ونظريات العقد الاجتماعي ( بحث ) . أحمد طريبق