الدولة وإشكالية المواطنة .. قراءة في مفهوم المواطنة العربية . سيدي محمد ولد ديب

الدولة وإشكالية المواطنة .. قراءة في مفهوم المواطنة العربية 

تأليف: سيدي محمد ولد ديب

دار كنوز المعرفة - عمّان  2011   |   250  صفحة   |   22.33  م . ب





تحتل مسألة المواطنة، ومنذ عقودٍ، موقع الصدارة في الاهتمامات الفكرية للعديد من الباحثين والأكاديميين الغربيين والعرب على حدٍّ سواء، وقد غدَتْ هماً سياسياً وثقافياً يشغل القياداتِ والأحزابَ السياسيةَ في معظم دول العالم، ويحظى باهتمام المنظَّمات غيرِ الحكوميةِ والمواطنين البسطاء في مختلف أممِ ومجتمعات الأرض، ومجتمعات ما بعد الحداثة، وتعود هذه الأهمية المتزايدة لمسألة المواطنة إلى أنَّ الاهتمام بها لم يعد ينحصر في منطقةٍ من العالم دون أخرى، ففي معظم الدول حواراتٌ فكريةٌ متعلقةٌ بحقوقِ المواطنة، بل أزمات سياسيةٌ في بعض الأحيان ذاتِ صلة مباشرةٍ، أو غير مباشرة في الإطار القانوني والسياسي والاجتماعي للمواطنة.
ويبدو هذا الأمر جلياً عندما يبدأ الحديث عن عالمنا العربي، ففي هذا العالم تغذِّي مسألة المواطنة الصراعات السياسية الموجودة أصلاً بين المثقف الملتزم والسلطة، وبين المجتمع المدني والدولة، وبين هذه الأخيرة وقوى المعارضة الوطنية، بل إنَّ ما يطلق عليه حالياً صراع الحضارة العربية الإسلامية مع الحضارة الغربية لا يمكن أن يُفهَمَ بمعزل عن الاستعمال الإيديولوجي لدلالات وأبعاد المواطنة.
وقد أضفت خصوصية الواقع السياسي والاجتماعي العربي طابعاً خاصاً على هذه الصراعات المختلفة، وحدَّدت طبيعةَ الإشكالات التي تثيرها مسألة المواطنة في الدول والمجتمعات العربية كافَّةً، وهي إشكالات لا يمكن اختزالها في المفهوم القانونيِّ والسياسيِّ الحديث للمواطنة، بل هي ذات صلة ضرورية، إن لم تكن حتمية، بهوية الإنسان العربيِّ ومرجعيته الحضارية، لأن الهويةَ العربية معطى قبليٌّ سابقٌ وجودياً على المواطنة، وهذه الأخيرة استحقاقٌ بُعْدِيٌّ مكتسبٌ يتحدَّد في ضوء الشروط والثوابت القبلية للهوية.
وللوصول إلى مفهومٍ مجرَّدٍ للمواطنة العربية يقدم الكاتب الموريتاني “سيدي محمد ولد يب” مقاربةً شاملة لفكرة الدولة وإشكالية المواطنة بوصفها شرطَ الشرعية ومصدرَ الديمقراطية، وهي الفعاليةُ الاجتماعيةُ والسياسية للحياة الديمقراطية، وبدون هذه الفعالية، المتمَثَّلة والمُمَارَسة، سيتعرَّض مبدأ التنظيم الديمقراطي للخطر، وستنعدم الفعالية الدِّيمقراطية للمواطن، هذه الاعتبارات المحدِّدة لطرقِ تمثُّلِ وممارسةِ المواطنة غائبةٌ وحاضرة في الوقت نفسه في القوانين والنظم والتشريعات المنظمة لحقوق المواطنين في الدول العربية.
وإضافةً إلى الجهد البحثي الواضح في فصول الكتاب الأولى إلا أنَّ الفصلين الأخيرين هما الأكثرُ حيويةً لاستعراض الكاتب تعريفاتِ المواطنة العربية، وأصلها التاريخي، وقيمها، وصلتها بالهوية العربية، والنكسات التي مُنِيَت بها تاريخياً لعواملَ ذاتيةٍ بالدرجة الأولى، إلا أنَّ النكسات المتكررة لا تنفي القدرةَ على بعث فكرة المواطنة العربية من جديد، بحسب الكاتب، عبر الاستثمار والتوظيف الواعي والمُعَقْلَن لبعض التجمعات السياسية العربية المعاصرة التي شهدتها المنطقة العربية منذ الثمانينيات من القرن العشرين: اتحاد المغرب العربي، ومجلس التعاون الخليجي. فبإمكان اتحاد المغرب العربي، على سبيل المثال، أن يشكل أساساً صلباً لمواطنة عربية أصيلة هي المواطنة العربية المغاربية، أو باختصار المواطنة المغاربية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدخل إلى علم الإنسـان (الأنثروبولوجيا ) . عيسى الشماس

بين الدين والعلم .. تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى . أندرو ديكسون وايت

نهاية الحداثة .. الفلسفات العدمية والتفسيرية في ثقافة ما بعد الحداثة . جياني فاتيمو

سوسيولوجيا الدين والسياسة عند ماكس فيبر - تأليف : إكرام عدنني

العرب ونظريات العقد الاجتماعي ( بحث ) . أحمد طريبق