فتنة الورّاق .. من تراث نقد الفكر الديني في القرن الثالث الهجري

فتنة الورّاق .. من تراث نقد الفكر الديني في القرن الثالث الهجري

عبد المنعم المحجوب

منشورات بلد الطيوب - ليبيا  2016   |   175  صفحة   |   1.88  م . ب




هذا الكتاب هو أول كتاب يخصَّص لأبي عيسى محمد الورّاق ويجمع شتات تراثه المبثوث في الكتب العربية القديمة.

وما أن يأتي المؤرخون إلى اسم أبي عيسى الوراق حتى يردفوه بالدعاء ّ "قبحه الله، لعنه الله، ...". اللعنات التي تستدعي مباشرة أول الملحدين: "إبليس". تقع أبلسه الوراق لأنه ملحد، ولأن مذهبه كان أعجز من أن يؤسس جيشه الخاص. 

في دراسة الشذرات المروية عن ابن الوراق (راجع كتاب الشذرات في الملحق) نؤخذ بتلك الجرأة المحيرة التي واجه بها عصره وخطابه السائد، فأنجز خطاباً مغايراً لا ينتمي عصره، بل يتّجه رأساً إلى المجنّب والمحرّم والمسكوت عنه: "القرآن" أكثر النصوص قدسيةً. 

كان الوراق لحظة مؤسّسة في تاريخ نقد الفكر الديني، ولقد استطاع أن يعيد الجدل إلى بدايةٍ تُسائِل الأسس وتنتقد الأصول.

إننا لا نعرف الكثير عن سيرة الوراق وصباه، فهو ليس تلميذاً لأحد، ولكننا نعرف أنه كان معلّماً للكثيرين، وما نعرفه عن سيرته هو أقل بكثير مما نعرفه عن أثره وإن كانت النصوص غائبة في الحالتين. لسنا نجد إلا شذرات متوزعة هنا وهناك لجأنا إليها لنعيد استظهار صورة سيرته.

الأرجح أن أسرته قد هاجرت من عرب الأحواز لتستوطن البصرة، عام 175 هـ (792 م)، عهد هارون الرشيد. 
كان أبوه ورّاقاً، أي أن أبا عيسى قد ورث المهنة عنه وقد كانت الوراقة قي ذلك العصر تعيش -متزامنة مع نشاط حركة الترجمة- أوج ازدهارها، ولكن بعد عصر المأمون تدهورت هذه الصنعة، ولم تعد تؤمن لصاحبها العيش اللائق، وعاش الوراقون تحت خط الفقر، وصارت مهنة الوراقة مثار شبهة الحكام لأن الوراقين صاروا يدسون في ثنايا الأوراق مقالات تناهض الفكر الرسمي للدولة.

لم يصلنا شيء من آثار الوراق. شذرات متناثرة بين آثار الآخرين. تتقاسم نصَّه نصوصٌ كثيرة، أغلبها يرفضه، وهي بترتيب ابن النديم:

- كتاب المقالات.
- كتاب الحدث.
- كتاب الإمامة الكبير
- كتاب الإمامة الصغير
- كتاب الغريب المشرقي في النوح على الحيوان
- كتاب اقتصاص مذاهب أصحاب الإثنين والرد عليهم
- كتاب الرد على النصارى الكبير
- كتاب الرد على النصارى الأوسط
- كتاب الرد على النصارى الأصغر
- كتاب الرد على المجوس
- كتاب الرد على اليهود

هذه الآثار تلقّفها المؤرخون والكتّاب والأدباء وأساطين الرواية في بغداد دون أن يفصحوا عن اسمه، أما الكتب التي ضعت للرد عليه ونقد أطروحاته فهي كثيرة ولاشك، لخطر ما كان يعرضه.
وقد حفظت المكتبة العربية المسيحية ردّ يحيى بن عدي على الوراق من خلال نسخ متواترة يعود أقدم مخطوط محفوظ منها إلى 624 هـ (1227 م) إذ يبدو أن من بين المناظرات الكثيرة التي عقدها الورّاق مع فلاسفة ومفكري زمانه، فإن الجدل مع ابن عدي هو الأشهر بينها. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدخل إلى علم الإنسـان (الأنثروبولوجيا ) . عيسى الشماس

بين الدين والعلم .. تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى . أندرو ديكسون وايت

نهاية الحداثة .. الفلسفات العدمية والتفسيرية في ثقافة ما بعد الحداثة . جياني فاتيمو

سوسيولوجيا الدين والسياسة عند ماكس فيبر - تأليف : إكرام عدنني

العرب ونظريات العقد الاجتماعي ( بحث ) . أحمد طريبق