في الإسلام الثقافي . بنسالم حميش

 في الإسلام الثقافي

تأليف: بنسالم حميش

 الدار المصرية اللبنانية - القاهرة  2016  |  340 صفحة   |   10.83  م . ب




يشتغل بنسالم حميش في كتابه  هذا على بعض وجوه الإسلام الثقافي محللاً شخصيات من الثقافة العربية الإسلامية، وهم الإمام أبو حنيفة النعمان، وأبو حيان التوحيدي، وأبو الوليد بن رشد، وابن بطوطة، وابن خلدون، وذلك انطلاقاً من رؤيته لمفهوم الإسلام الثقافي، مؤكداً أن الكلام عن الإسلام الثقافي يستمد مشروعيته من المكون الدنيوي وحضوره المحسوس في النص القرآني كما في فقه الواقع والنوازل وإعمال المنهج التجريبي، فضلاً عن الإبداعات الفنية والفكرية.
ويتوقف بنسالم قبل ولوجه إلى رؤاه وتحليلاته المتميزة لهؤلاء الأعلام أمام مصطلحي الإسلام السياسي والإسلام الثقافي، ويرى أن ما اصطلح على تسميته «الإسلام السياسي» الأكثر ذيوعاً في أقطار شتى من العالم الغربي، حيث يختزل فيه الإسلام كله «ثقافة وحضارة» من طرف الإعلام ولوبيات نشيطة مؤثرة، حتى إن هذا الإسلام السياسي نفسه يحشر في أفعال وأنشطة جماعات يضعون لها لوائح سوداء، تضم إليها من دون تمييز الغلاة المتشددين والممانعين المقاومين، وهنا يكمن القصد المبيت من لفظ «إسلاموية» ونشرها المبرمج المتعمد على نطاقات واسعة.
ويضيف «الأول ـ الإسلام السياسي ـ ينبني ويعمل أساسا في السياسة كميدان خصوصي هو بامتياز ميدان البرنامج والفرضية والتجريب، وكممارسة جد إنسانية ليست البتة بمنأى عن الفشل والخطأ ومواطن الضعف والزلل، وبالتالي فلا مناص من أن ينخرط حقاً في روح الديمقراطية كنسق سوسيو ـ سياسي وقانوني، تلغي أركانه المؤسسة كل شكل من أشكال الاعتباطية والحكم الفردي أو الفئوي، وتعطي لمجتمع المواطنين حق تفعيل قاعدة التناوب والمساهمة في إدارة الحياة السياسية وانتخاب ممثليهم وحكامهم ومراقبتهم، وكذلك محاسبتهم وإسقاطهم حتى ولو كانوا من الجناح الأصولي.
وهكذا يصبح غير ذي مضمون السجال بين دعاة الإمامة العامة أو الخلافة (محمد رشيد رضا) والقائلين بنفيها كأصل حكم في الإسلام القائم تأسيساً على زعامة ملك «علي عبد الرازق» كما لا نرى فائدة لما ذهب إليه المستشار محمد سعيد العشماوي في مؤلفه عن الإسلام السياسي من تمييز قاطع بين الأصولية الإسلامية والأصولية الروحية، وأيضاً من حشر السياسة في صفات سلبية قدحية ( مكائد، دناءة أساليبها، ألاعيب الأحزاب ووصولية طرائقها )، صفات لصيقة لا ريب بالممارسة السياسية في البلدان عديمة الصلة بالديمقراطية أو ضعيفتها، لكنها تنتفي في الدول التي تقدمها الحضاري بنظامها الديمقراطي.
أما مع الثقافة في تاريخ الإسلام أو الإسلام الثقافي فيشير بنسالم إلى «أننا نكون إجمالا في أجواء وسياقات ذات طبائع ووظائف مغايرة، يغلب عليها التوجه النقدي وإعمال الفكر المعمق النير وتوخي الإبداع الرافع المطور، بعيداً عن بداوة الفكر، ذهنية وحساسية وإدراكاً.
ويلفت بنسالم إلى أن هناك فقهاء تأذوا هم أيضاً من الظلم الفقهي ـ السلطاني، مثل قاضي القضاة ابن رشد الفيلسوف.
ويرى أن غالبية فقهاء التجهيل والتكفير أناس همل أغمار، لا يحفظ لهم التاريخ ذكراً ولا أثراً، عدا تحرشاتهم المتهافتة، بينما يسكن التاريخ علماءه ومفكريه في ذاكرة أمتهم، لأنهم مدى حياتهم أبدعوا تراثها وطوروه وقووا وعيها بهويتها ومقدراتها فهم إذن الأعلون والأبقون.
المؤلف في سطور
بنسالم حميش روائي وشاعر وأستاذ فلسفة مغربي، يكتب باللغتين العربية والفرنسية. عرف برواياته التي تعيد صياغة شخصيات تاريخية أهمها شخصية ابن خلدون في رواية "العلامة"، وابن سبعين في "هذا الأندلسي"، والحاكم بأمر الله الفاطمي في "مجنون الحكم". ومن أعماله الفكرية: التشكلات الأيديولوجية في الإسلام.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدخل إلى علم الإنسـان (الأنثروبولوجيا ) . عيسى الشماس

بين الدين والعلم .. تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى . أندرو ديكسون وايت

نهاية الحداثة .. الفلسفات العدمية والتفسيرية في ثقافة ما بعد الحداثة . جياني فاتيمو

سوسيولوجيا الدين والسياسة عند ماكس فيبر - تأليف : إكرام عدنني

العرب ونظريات العقد الاجتماعي ( بحث ) . أحمد طريبق