أفكار حول الموت والأزلية . لودفيغ فويرباخ

أفكار حول الموت والأزلية

تأليف : لودفيغ فويرباخ

الرافدين  -  بيروت  2017   |   360  صفحة   |   8.37  م . ب





واحد من أهم الأعمال البحثية - الفلسفية الألمانية، والذي ظهر عام 1830. ففيه يقدّم لنا  فيلسوف الإلحاد المؤنسن دراسة عميقة لمفهومي الموت والأزلية في الديانة المسيحية على وجه التحديد. وكعادته منذ "جوهر المسيحية"، يسعى فويرباخ بكل ما أوتي من إرث معرفي وألمعية فلسفية - لاهوتية إلى دحض الأفكار المسيحية.
ومن وحي هذا العمل الهام، نجد أنفسنا مرغمين على طرح أسئلة قديمة -جديدة:
1- ما الذي جاء في البدء، إدراك الموت أم ميثة الأزلية؟
2 - هل إدراك الموت مرتبط بالأنا أم بالهو والأنت؟
3 -  هل ثمة علاقة بين الإله وميثة الأزلية؟
4 - هل كان تصوّر أن القيامة ستحدث في هذا العالم أم في أزمنة ميتافيزيقية؟
بالعودة إلى السؤال الأول يمكن القول، إن إدراك حقيقة الموت هو أساس كل الميتافيزيقيا، بما في ذلك ميثة الأزلية. كلّ إنسان يدرك أن له نهاية؛ وهذا الإدراك الشعوري له أساسه في العالم التجريبي. كيف؟ بالانتقال إلى السؤال الثاني نشير إلى أن الإدراك الشعوري للموت لا يكون من خلال الأنا؛ فالإنسان لا يشهد موته الذاتي؛ بل من خلال الهو أو الأنت! الإنسان يدرك شعورياً موت الآخر، بغض النظر عما إذا كان هذا الآخر هو أو أنت، بالمفرد أم بالجمع
الإنسان كائن مجتمعي؛ والإنسان لا يدرك إنسانيته إلا من خلال الآخر الإنساني. وتثبت تجارب أنثروبولوجية كثيرة أن إنساناً انتزع من إنسانيته عبر وضعه في مجتمع لا بشري مثل شخص ضاع رضيعاً في الغابة لا يمكن أن يدرك إنسانيته شعورياً. إضافة إلى ما سبق، فاللاوعي الجمعي البشري يختزن في جعبته شعور الخوف وربما الوحشة من غياب الآخر الإنساني بسبب الضعف البشري المميز في مواجهة العناصر الموضوعية. لذلك فالأنا يحتاج إلى الأنت والهو على الدوام؛ حتى حين أدرك شعورياً حدود إنسانيتي.
حين يغادر آخر هذه الحياة؛ خاصة "آخر" أرتبط به بوشائج عديدة، أشعر بالخوف على ذاتي وعلى إنسانيتي. ومن هذا الخوف بدأ الإنسان أولى محاولاته من أجل عالم آخر حتى وإن كان تخيلياً.
"أجمل الخيالات هي تلك المطمئنة. يقول أحد الفلاسفة الألمان إن الإنسان عندما يسمع صوتاً يبعث على الخوف إنما يُحاول أن يجد له التفسير الباعث على الاطمئنان في نفسه، لا الذي ينثر الخوف حوله". من هنا، فالخيال الذي يرافق الإنسان لحظة الموت هو اعتقاده المطمئن أن هذا الآخر الذي غادر هذه الحياة سيعود يوماً إليها كي يجتمع الجميع سوية.
لا نعرف شيئاً عن اعتقادات البشر ما قبل الكتابة. لكننا نعرف من شعوب قديمة، مثل المصريين القدماء نعترض على التسمية الميثولوجية "مصريون" أنّ هؤلاء اعتقدوا، بنوع من الميتافيزيقيا غير المتطورة، أنّ الإنسان [الملك هنا] يمكن أن يعود ثانية إلى هذه الحياة، بنوع من التفسير الباعث على الاطمئنان؛ ولذلك كانوا يضعون في القبر-التحفة المعمارية كل ما يحتاج إليه الإنسان الحي.
لكن كيف انتقل الإنسان من تصوّر القيامة في هذا العالم إلى تصوّر القيامة في العالم الآخر؟ ومن هم الذين قاموا بهذا التطوير الهام في عالم الميتافيزيقيا؟ 
الانتقال إلى تصوّر لعالم ما ورائي لا يتحكّم به الإنسان استدعى وجود تصوّر لقوة خارقة تخلق هذا العالم وتتحكّم به. ومن هنا جاءت فكرة الإله الأزلي، كلّي القدرة، كلّي الوجود
إذاً، بترميز اختصاري شديد، يمكن لنا القول:
موت قيامة في هذه الدنيا قيامة في عالم آخر إله !
هذا تصوّر لميثة القيامة لا يعتمد على فويرباخ فقط، بل على مجموعة منتقاة من أفكار لفلاسفة وعلماء نفس وأنثروبولوجيين

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدخل إلى علم الإنسـان (الأنثروبولوجيا ) . عيسى الشماس

بين الدين والعلم .. تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى . أندرو ديكسون وايت

نهاية الحداثة .. الفلسفات العدمية والتفسيرية في ثقافة ما بعد الحداثة . جياني فاتيمو

سوسيولوجيا الدين والسياسة عند ماكس فيبر - تأليف : إكرام عدنني

العرب ونظريات العقد الاجتماعي ( بحث ) . أحمد طريبق