تعايش الثقافات .. مشروع مضاد لهنتنغنتون . هارالد موللر

تعايش الثقافات

تأليف : هارالد موللر

دار الكتاب الجديد المتحدة  - بيروت    2005   |    340  صفحة   |    6.90  م . ب




خلال العقود الاخيرة من القرن المنصرم وأوائل القرن الحالي ، وإثر انهيار المعسكر الاشتراكي تعززت النزعات العنصرية في أميركا وأوروبا وظهرت الكتابات الفكرية والفلسفية التي تحلل حركة التاريخ على أساس صراع بين الحضارات. ومن بين أبرز الكتابات التي ظهرت في هذا الاتجاه كتاب (فوكوياما) نهاية التاريخ وكتاب (هنتنغتون) صراع الحضارات. وكلاهما بنى أفكاره واستنتاجاته على أساس ان لا تصالح بين الحضارات والثقافات، وان الصدام واقع لا محالة ، والأمر مسألة زمن. وأن ما يطفو من صراعات على سطح عقود القرن العشرين انما كانت صراعات وتسميات خادعة. ولكنها في جوهرها صراع ثقافات وحضارات أخذ تسمية الصراعات الطبقية حينا والأيديولوجية حيناً  آخر ، غير انها في جوهرها كما يؤكد (هنتنغتون) صراع ثقافات لا غير. وضرورات تاريخية قدرية ولا مناص منها كما يؤكد (فوكوياما).
ولقد استندت الرأسمالية العالمية الجديدة وإداراتها على كتابات المذكورين كأساس فلسفي يبرر النزعة العدوانية للإدارات الاميركية الجديدة ، وكذلك لمعظم إدارات أوروبا التي أجرت مناقلات فجة ومكشوفة في مواقفها وسياسات بلدانها .
ولقد ساهمت تلك الكتابات التي ازدادت ضراوة بعد أحداث سبتمبر، في وضع الأساس الفلسفي والمعرفي لتسميم الأجواء الدولية وتبرير النزعات الحربية والتأديبية التي جردتها الولايات المتحدة وأحلافها ضد بلدان من الشرق العربي والإسلامي. كما ساهمت في حرف المواقف التقليدية الأوروبية من قضية التواصل الحضاري مع الشرق ، وبالتالي موقف أوروبا من قضية الصراع الشرق الأوسطي وحقوق الشعوب أطراف الصراع.
وفي ظل شيوع تلك الكتابات (المباركة) من الادارات العدوانية ، اصدر المفكر الالماني (هارالد موللر) كتابه الكبير (تعايش الثقافات) الذي جاء على شكل مشروع مضاد لهنتنغتون، يحمل عنواناً مضاداً تماماً (تعايش) بدل (صراع). وهكذا جاء كتاب (موللر) ليشكل مخالفة مرورية مباركة في نظام سير الكتابات الفكرية العنصرية والعدوانية في اميركا والغرب الأوروبي.
إن أهمية كتاب (موللر) لا تكمن في أنها مخالفة مرورية جسورة في هذا المجال وحسب ، وإنما لأنها تحمل رؤية نبيلة ونظيفة ونزيهة لما يجري في عالمنا اليوم من صراعات. إضافة الى ما ينطوي عليه الكتاب من قيمة علمية وفكر فلسفي وقّاد قام صاحبه بإماطة اللثام فيه عن الجوهر العدواني والاستعماري الجديد لتلك الكتابات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدخل إلى علم الإنسـان (الأنثروبولوجيا ) . عيسى الشماس

بين الدين والعلم .. تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى . أندرو ديكسون وايت

نهاية الحداثة .. الفلسفات العدمية والتفسيرية في ثقافة ما بعد الحداثة . جياني فاتيمو

سوسيولوجيا الدين والسياسة عند ماكس فيبر - تأليف : إكرام عدنني

العرب ونظريات العقد الاجتماعي ( بحث ) . أحمد طريبق