مدرسة الحكمة .. حول لوحة لرافائيل . عبد الغفار مكاوي (مقال)

مدرسة الحكمة .. حول لوحة لرافائيل 

عبد الغفار مكاوي

المصدر :   Philosophical Horizonsآفاق فلسفيّة            

إعداد وتنسيق : مكتبة التنوير




رسمها رافائيل في عام ١٥٠٩-١٥١٠، وعُرِفَت في تاريخ الفن باسم «مدرسة أثينا»، وجنت عليها هذه التسمية المشهورة زمنًا طويلًا؛ فقد حاول المفسرون على مر القرون أن يروا فيها صورة تعكس تاريخ الفلسفة، وترسم للعين كيف وُلِدَت على أرض اليونان، وانتقلت من مدرسة إلى مدرسة، ومن معلم إلى معلم، ثُمَّ جاء العصر الحديث فرأى فيها لوحةً نفسية تحررت من قيود المكان والزمان، عبَّر فيها الفنان عن مغامرة الفكر المجرد، وصوَّر بها كفاح أبطاله المساكين، حين يتردَّدون بين النجاح والفشل، ويجرِّبون السعادة واليأس، ويشقون بالوحدة أو يبتهجون بالحقيقة. استطاع رافائيل أن يبدع هذه الملحمة الهائلة التي تزدحم بالحكماء على اختلاف نماذجهم وأشكالهم، وتسجل الصراع بين الفكر والفكر، وتجسد المعاني في شخصيات تملك إعجابنا وإجلالنا، أو تستثير ضحكنا وسخريتنا، نحن هنا شهود في مسرحية لن يُسْدَلَ عليها الستار أبدًا. نُعايِن النور الذي انبثق في قلب الإنسان وعقله لأول مرة، ونستمع إلى السؤال الخالد الذي انطلق من فم اليوناني القديم: «ما هو الوجود؟» فردَّده الناس من شرق وغرب، وراحوا على اختلاف أجناسهم وأديانهم وتعدُّد ملامحهم ولون بشرتهم يحاولون الإجابة عليه. على هذه الأرض الجديدة التي أقام عليها الفلاسفة جنتهم الفانية، لا يوجد فقراء أو أغنياء، ولا سادة أو عبيد، ولا مؤمنون أو كافرون، ولا يسأل أحد ما هو وطنك أو صناعتك؛ لأن الجميع مشغولون بالسؤال عن المعنى والمصير، عاكفون على التأمل والتفكير.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدخل إلى علم الإنسـان (الأنثروبولوجيا ) . عيسى الشماس

بين الدين والعلم .. تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى . أندرو ديكسون وايت

نهاية الحداثة .. الفلسفات العدمية والتفسيرية في ثقافة ما بعد الحداثة . جياني فاتيمو

سوسيولوجيا الدين والسياسة عند ماكس فيبر - تأليف : إكرام عدنني

العرب ونظريات العقد الاجتماعي ( بحث ) . أحمد طريبق